الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات أعلام اسلامية: أبـو بــكـر الرازي

نشر في  14 جوان 2017  (12:50)

يرى هذا العلامة أن تعلم العلوم جميعا فرض من الفرائض الشرعية ولذلك أحب العلوم كلها وأقبل عليها بدون تفريق إلا ما يكون من فرق بين الفاضل والمفضول، والعلوم كلها في نظره لا تخرج عن كونها واجبًا أو مما لا يتم الواجب إلا به أو مما لابد منه لتحقيق مصلحة من المصالح الدنيوية أو مما لا بد من تعلمه لمعرفة أضراره وأخطاره والدعوة إلى اجتنابها.. إنه أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي الرازي.

عالم موسوعي

هو إمام مفسر فقيه اصولي، عالم موسوعي امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في: الفيزياء، الرياضيات، الطب، الفلك. ولد في الريّ. قرشي النسب، أصله من طبرستان، رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان. وأقبل الناس على كتبه يدرسونها، وكان يحسن اللغة الفارسية.
وكان قائما لنصرة مذهب أهل السنة والجماعة الأشاعرة، كما اشتهر بردوده على الفلاسفة والمعتزلة، وكان إذا ركب يمشى حوله ثلاثمائة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام في هراة، له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: التفسير الكبير الذي سماه «مفاتيح الغيب»، وقد جمع فيه ما لا يوجد في غيره من التفاسير، وله «المحصول» في علم الأصول، و«المطالب العالية» و«تأسيس التقديس» في علم الكلام، «ونهاية الإجاز في دراية الإعجاز» في البلاغة.

نشأته ونبوغه

ولد أبو بكر الرازي في عام 544 هـ الموافق 1149م بمدينة الري وقيل بأنّه وُلد عام 543هـ، ونشأ في بيت علم إذ كان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها أصوليا متكلما صوفيا وكان خطيب الري وعالمها وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما من أهمها غاية المرام في علم الكلام حيث اعتبره ابن السبكي من أنفس كتب أهم السنة وأشدها تحقيقًا.
وعلى يدي والده ابتدأ فخر الدين طلبه للعلم في صباه فتعلم العلوم الأولية فأغناه عن طلب العلم على يد سواه حتى وفاته عام 559هــ، وقد كان الرازي شديد الإعجاب بوالده فيذكر اسمه بإجلال واحترام ويدعوه «بالإمام السعيد».
نال الرازي كمفسر شهرة واسعة وحظى تفسيره الكبير «مفاتيح الغيب» منذ تأليفه له حتى اليوم باهتمام بالغ، وتناوله الكثيرون بالدرس والتعليق والنقد حتى جاء وقت لم يكن يطالع فيه أكثر المتعلمين سواه، وقد جمع الرازي في تفسيره كل غريب وغريبة فهو كان يرى أن القرآن الكريم أصل العلوم كلها فيقول «أن القرآن أصل العلوم كلها فعلم الكلام كله في القرآن، وعلم الفقه كله مأخوذ من القرآن، وكذا علم أصول الفقه. وعلم النحو واللغة، وعلم الزهد في الدنيا وأخبار الآخرة، واستعمال مكارم الأخلاق، ومن تأمل كتابنا في دلائل لإعجاز علم أن القرآن قد بلغ في جميع وجوه الفصاحة إلى النهاية القصوى».
كما أن شهرة الرازي بعلم الكلام لا تقل عن شهرته في التفسير فهو سلطان المتكلمين الذي فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات، كما يعتبره البعض رائد لطريقة المتكلمين المتأخرين في طريقتهم في إدخال الفلسفة ومباحثها في علم الكلام.

اشتغل كثيرا بالطبّ والفلسفة

وكان طبيبًا من أحذق أطباء زمان وأشهرهم، قوي النظر في هذه الصناعة ومباحثها، شرح وهو في مقتبل العمر «قانون ابن سينا» وحظيت تآليفه في التشريح باهتمام أهل هذه الصناعة، قال طاش كبرى زاده «وكتب التشريح أكثر من أن تحصى ولا أنفع من تصنيف ابن سينا، والإمام الرازي»، كما تتلمذ على يديه تلاميذ اشتهروا بالمهارة في الطب مثل قطب الدين المصري.
كما اشتغل الرازي بالفلسفة، تعلمًا وتعليمًا وتأليفًا: أما التعلم فإن اهتمامه بالفلسفة كان كبيرا، لهذا فإنه لما طلب شيخه مجد الدين الجيلي إلى المراغة سافر معه حرصا على استكمال تعلم العلوم الحكمية، وبالفعل فلقد قرأ عليه الحكمة لمدة طويلة.
وأما التعليم فإنه كان يباحث في مجالسه في المسائل الفلسفية وباصطلاحاتها، وأما التأليف فقد شرح كتبا فلسفية لابن سينا كالإشارات والتنبيهات، وعيون الحكمة، وله مبتكرات كالمحصل والمباحث المشرقية والمطالب العالية والملخص في المنطق والحكمة وغيرها، وهذا المؤلفات تدل على اهتمامه بالعلوم الحكمية ومدى عنايته بها.
توفي في الأول من رمضان عام 606هــ الموافق لعام 1209م في هراة وذهب أكثر المؤرخين إلى أنه دفن في الجبل المجاور لقرية مزداخان القريبة من هراة وقيل بل دفن في بيته.